" في الأربعاء كنا وفي الأربعاء أصبحنا وأمسينا، يا له من يوم شاق، إنها دائماً ما تكون أربعاء"
في المشهد الختامي لرائعة روي أندرسون. "حمامة وقفت على غصن شجرة تتأمل الوجود" بيدور حوار بسيط جداً وغير مُتكلِف، حوار يمكن كتير مننا بيمروا بيه يومياً في حياتهم لكن وجوده في فيلم لروي وتحديداً في مشهد نهاية لفيلم بيدور حول أزمة الوجود المعاصرة أعتقد ده سبب كافي إننا ناخد الحوار لبعد تاني ونفككه.
بيسأل أحد المنتظرين بنبرة تعلوها البراءة بعد سماعه نبأ إن النهاردة يوم الأربع " هل هو الأربعاء حقًا؟ لقد شعرت وكأنه الخميس! "
بيرد عليه واحد من الناس "لا يمكنك أن تشعر بالأيّام، ذلك مستحيل.. الأمس كان الثلاثاء واليوم هو الأربعاء وغداً الخميس وإن لم تتمكن من تتبّع الأيام ستسيطر الفوضى "
بيرد عليه صاحب السؤال تاني لكن المرة دي بنبرة يسيطر عليها اليأس والإستسلام والحزن "ولكنّي شعرت أنّه الخميس" وبينتهي الفيلم بإعلان بداية يوم الأربعاء..
مكان الإنتظار هنا هو بكل بساطة الوجود.. الوجود اللي بيحتوينا كلنا كبشر، واقفين فيه منتظرين النهاية.. الشخص الأول هو عاطفة الإنسان، رغبته الدؤوبة في التغيير، رغبته في خلق مغزى جديد ونمط غير متعارف عليه، وكأنه سؤال طفل بريئ لوالدته إحنا عايشين ليه؟
بترد عليه والدته العقلانية، إحنا عايشين علشان نشتغل ونتجوز ونخلف ونموت، ده نظام ثابت وغير قابل للتغيير وغير مسموح ليك بتغييره، وكأن والدته روبوت متبرمج، نسى إنه يملك العقل وأصبح منساق للقانون الأوحد ومجبر على اتباعه وكمان مش بيختار الحياة دي لنفسه لا.. ده بيفرضها على غيره وأي محاوله من حد تاني للخروج عن السياق ده بياخد الروبوت رد فعل متعسف ضده مش دفاعي حتى..
بيرد الطفل بإستسلام ويأس وإنصياع إنه كان مجرد شعور، وتأتي الحياة على عادتها غير مبالية بمشاعر الإنسان أو رغبته وبتعود لفرض سيطرتها من جديد وكأنها بتقطع الحوار اللي بيدور بين العقل والقلب معلنة بداية يوم الأربعاء رغماً عن أنف الإنسان، وكأن يوم الأربعاء بيجسد الدايرة اللي بيدور فيها البشر منذ قديم الأزل وحتى اليوم، اللعنة اللي مش هيقدر الإنسان يتحرر منها حتى إن كان يشوبها بعض الجماليات، وأحب أقتبس جملة من سياق الفيلم بتوصف معنى الحياة..
" إنها جميلة جداً ولكنها حزينة أيضا "
تعليقات
إرسال تعليق