"أسطورة الأوديسا / العودة للمنشأ "
يُعاقب أودوسيوس بالتيه في البحر لمدة ١٠ سنين وبعد انقضاء السنين العشر يحاول العودة لوطنه ولحبيبته التي طال انتظارها له..
يتأثر الإيطالي فرانكو بيافولي تأثراً مباشراً بتلك الأسطورة
فيحاكيها بتجربته
Nostos : The return
نوستوس هي كلمة يونانية الأصل وهي تعبر عن الحالة التي اعترت مقاتلي حرب طرواده بعد انتهاء الحرب وشعورهم بالحنين لوطنهم ورغبتهم بالعودة إليه..
يبدأ بيافولي بحرب طراوده راصداً وحشيتها، وحشية الحرب في العموم مروراً باللعنة التي أصابت أودوسيوس وعلى اثرها ظل تائهاً يبحث عن وطنه..
رحلة بيافولي تميل إلى الطابع التجريدي فالسرد المستخدم يعتمد اعتماداً كلياً على الربط عن طريق الصلات الشعرية ومن خلالها يتم تصعيد وتعميق شعور عن طريق الاستنباط الشعري وبذلك يصبح المشاهد مشاركاً في عملية الاكتشاف مثله مثل البطل وبذلك فإن حالة التية المسيطرة على أودوسيوس هي حالة عامة لا تختص بأودوسيوس نفسه ورحلته بل هي رحلة الإنسان للعودة لمَنشئه وبذلك فإن تجربة بيافولي هي رحلة العودة للسماء، سعياً لخلود الإنسان وهي أشبه بمصالحة فهي تبدو كرحلة قربان يكفّر فيها الإنسان عن آثامه ويتطهر منها وفي الآخير فإنه يعود للمنشأ، للبراءة...
يتأثر اليوناني ثيو أنجيلبولوس هو أيضاً بتلك الأسطورة و يغلب طابعها على معظم تجاربه إن لم يكن كلها فأفلام أنجيلوبولوس دائماً ما يعاني أبطالها من علة الحنين، الحنين للوطن، للأب، للحبيب، الذات، وحتى الأبدية..
يقول أنجيلوبولوس
" في كل أفلامي هنالك دائماً شخصية تبحث عن الأب ولا أعني الأب الحقيقي فحسب.. لكن مفهوم الأب كإشارة، كرمز ومعناً، الأب يمثل ما نؤمن به ونريده..
إن محاولة البحث عن الأب هي محاولة بحث الفرد عن ذاته وهويته الضائعة"
إن محور أفلام ثيو هي علة الحنين التي يعاني منها أبطاله فهم إن كانوا حتى في وطنهم يشعرون باغترابهم وبذلك فإن شخصيات ثيو هي في حلقة مفرغة من البحث عن الوطن وعن الذات والحقيقة ولكن حتى أودوسيوس نفسه فهو يعود لوطنه ومحبوبته وتبعاً لذلك فإن ثيو يبدو متأثراً أكثر بلعنة سيزيف ولذلك فإن شخصياته هي دائماً في محاولة للسعي الأبدي ولا تصلُ ضالتها أبداً كما يصلها أودوسيوس.
تعليقات
إرسال تعليق