في أحد الحوارات ذكر مارلون براندو أن برتلوتشي طلب منه أن تعبيرات وجهه في فيلم "التانجو الأخير في باريس" المفترض تشبه لوحة لفرانسيس باكون..
اللوحة اللي طلب برتلوتشي من براندو محاكاتها هي لوحة بتختلط فيها تعبيرات الوجه ببعضها ببعض وكأنها تنصهر، تتداخل ويبدو الوجه في الأخير لشخص مضطرب وفاقد لهويته، حالة فصام تام..
برتلوتشي لم يقتصر على محاكاة براندو لأحد لوحات بيكون بل من البداية؛ افتتاحية الفيلم وهو يمهد الدخول لعالم من عوالم باكون بعرضه للوحاته..
وبالتالي فشخصيات فيلم برتلوتشي وتكويناته لم تخلو من التأثر بعالم باكون؛ عالم أشخاصه فاقدين لهويتهم ومنسلخين عن ذواتهم، الشخصيات في لوحات باكون ملامحها موجودة ولكنها غير واضحة المعالم ولا تشبه إطلاقًا اختفاء الملامح كما في لوحات "إدفارد مانك" على سبيل المثال؛ فهي ليست ضائعة ولكنها غير مفهومة وتبدو الروح وكأنها في طريقها للانسلاخ عن الجسد، لا تنتمي إليه وحين مغادرتها للجسد بتسبب ألم بيذهب لأبعد من الألم الجسماني، ألم نابع من فقدان الهوية، رغبة شديدة في الانسلاخ يعقبها غياب تام للهوية، للذات نفسها..
برتلوتشي جسد محاولة الذات للانسلاخ عن صاحبها أو محاولة صاحبها للهرب في شكل مادي عن طريق التلاقي الجسدي مابين البطلين، بالتالي فالممارسة الجنسية هنا لا تقتصر على مجرد فعل مادي أو تعبير عن الغريزة الجنسية لأصحابها؛ أحيانًا تبدو وكأنها تعبير عن غضب عارم، رغبة في نسيان ماضي أليم ومشوه وتبعًا لذلك يبدوان في تماهي جسدي مطلق وانفصام تام عن الواقع...
بالتالي فالجنس يظهر أغلب الوقت كفعل متطرف، بعيد تمامًا عن الحب والاحتياج العاطفي، محاولات مستميتة للتغلب على الوجود نفسه، ذوات تأبى الانصياع للواقع الأليم وفي حالة هروب أبدي.
-Last tango in paris( 1972)
By: Bernardo Bertolucci
بعض لوحات فرانسيس باكون وتكوينات مشابهة من فيلم التانجو الأخير في باريس
تعليقات
إرسال تعليق