" خلاص الفنان يكمن في تحرره من القيود المفروضة "
فيلليني في فيلم ½ 8 بيقدم إفتتاحية استثنائية ومعبرة جداً عن حالة العقم الفكري لدى الفنان وفي نفس الوقت بيقدم رمزية صريحة عن العقم الفكري لدى المجتمع...
المشهد الأول عبارة عن ازدحام مروري، حالة من الكئابة الممتزجة بالضجيج بتسيطر على الأجواء، بشر كتير في مكان واحد منهم اللا مكترث ومنهم الصامت الذي يعجز عن التعبير ومنهم من سيطرت عليه غرائزه... العامل الوحيد المشترك بين كل هؤلاء البشر كان السجن اللي هما جواه، السجن هنا لو هنعبر عنه مادياً كان السيارات اللي البشر جواها لكنه كان رمزية عن السجن المعنوي أكتر وهو سجن العقل اللي أصبح البشر مقيدين بداخله.. في الصورة اللي فوق مشهد لمجموعة من الناس داخل باص كبير، وضع ايديهم أشبه بحركة ايد الإنسان داخل الكلبش.. رمزية عن السجن اللي هما جواه.. مستسلمين، منقادين بل ورافضين حتى المقاومة...
المشهد التاني بيوضح الفرق ما بين البشر العاديين ومابين الفنان ، بنشوف الفنان يعلو سقف سيارته ولا مكترث بالزحام لكنه منزعج وده معناه إن الفنان شبه متحرر من قيود المجتمع لكن تحرره غير مكتمل.. الفنان بيطير والطيران هنا رمزية عن التحرر، التحرر من القيود المجتمعية والفكرية لكنه للأسف تحرر غير مكتمل وبيظهر ده عن طريق حبل بيربط الفنان من رجله الحبل ده بيشده لتحت في القاع والحبل هنا كان رمزية عن كل الأفكار اللي بتشتت الفنان وبتعوقه عن صنع إبداعه الخاص وبتمنع تحرره... وبينتهي المشهد الرمزي وبيبدأ الفيلم وهو عبارة عن رحلة بتجسد الصراع مابين الإنسان وكل ما يعيقه عن صنع الإبداع وممكن نقول إنه محاولة الفنان في قطع الحبل ده للطيران بحرية...
المشهد التالت وهو الخاتمة... الفنان قطع الحبل وتحرر من كل القيود اللي كانت بتعيقه عن خلق الإبداع.. غير مكترث لكل من حوله وفي مشهد من أجمل المشاهد الختامية بنشوف مجموعة من المهرجين بيرقصوا على أنغام الموسيقي بأمر من المخرج.. الموسيقى والرقص دلالة على التحرر.. التحرر البسيط الغير مبتذل والمبهج، المملوء بالإبداع الذي لا يشوبه شائبة...
فرق كبير ما بين مشهد البداية اللي كان بيسوده الجمود والصمت والزحام وما بين مشهد النهاية المبهج والمليئ بالحركة والموسيقى... صعوبة الرحلة اللي بيخوضها الفنان لخلق ابداعه الخاص تمثلت في تحديه لأفكاره ومشاعره وفي الأخير كان التمرد على قيود المجتمع هو الوسيلة الوحيدة للتحرر...
تم النشر بتاريخ 9 فبراير 2019
تعليقات
إرسال تعليق