القائمة الرئيسية

الصفحات


 في يناير من سنة 1919 تم اغتيال كل من "كارل ليبكنخت وروزا لوكسمبيرغ" وهم ثوار من اليسار الألماني المناهض للاشتراكية، وكانت تلك صدمة مفجعة للشارع الألماني، و ساد الجو العام نوع من الحزن واليأس، نتيجة للقمع حينها، وعليه انتشرت الجريمة في تلك الفترة في المجتمع الألماني وأدى ذلك إلى نوع من الإحباط والتشوّه، تشوه في السلوك، وتخوف من الآخر، أدى ذلك في النهاية إلى مجتمع ممسوخ، ممزق، وتلك كانت هي روح تيمة التعبيرية الألمانية في السينما؛ كره مقيت للرؤية التفاؤلية للعالم ، وعلى الجانب الآخر نوع يحتفي باليأس، وكأنه نوع من التمجيد، والرثاء أيضًا لذلك الإنسان الذي فقد ذاته في ظل حكومة ڤايمار، ولذا سميت تلك الحقبة من صناعة السينما بجانب مسمى التعبيرية بحقبة ڤايمار، نسبة إلى مدينة ڤايمار الألمانية، التي اجتمع فيها ممثلو الشعب لصياغة الدستور بعد هزيمة الألمان في الحرب العالمية الأولى وقبولهم معاهدة فرساي. 





وتعد التعبيرية الألمانية أول حركة سينمائية تهتم بالذات كموضوع، ولذا فيمكن اعتبارها كحركة طليعية اتسمت بذاتيتها المفرطة، لأنها كانت انعكاساً للمجتمع الألماني حينها؛ صراعاته، أفكاره ومشاعره. 




ومع صدور فيلم 

(عيادة الدكتور كاليجاري - The cabinet of Dr. Caligari)

للمخرج روبرت ڤين حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، ليس محليًا فقط، بل في جميع أنحاء العالم، وكان الفيلم جامعًا لكل سمات التعبيرية الألمانية؛ المكياج المبالغ فيه،الديكورات الداخلية، والأشكال المثلثية الخانقة، الإضاءة الشديدة عالية التباين، بالإضافة إلى قصة متداخلة – قصة في قصة...


إن قصة فيلم كاليجاري هي من أوائل قصص السينما التي تعرض إلتباسًا، "Plot twist”  في نهاية الفيلم، الشيء الذي  يجعل من نهايته مفتوحة، فينتهي الأمر بالمشاهد بأن يكون في حيرة من أمره، هنا يذوب الفارق بين الخير والشر، العقل والجنون، ولذلك فكلا من الالتباس والشك هما نقطتي تفرد الفيلم من حيث موضوعه، فالحكم النهائي على أي شخصية من شخصيات الفيلم ليس بالأمر بالسهل، حتى النهاية لا تحسم تلك المعضلة بل تزيد أمر الجزم والحكم النهائي صعوبة.


ويصف الناقد بول روتا فيلم ڤين على أنه عبارة عن نقطة من النبيذ في محيط من الماء المالح، حتى أنه يعتبر فيلماً مهمّا كفيلم مولد أمة لجريفيث هو فيلم باهت مقارنة بالأطروحات التي وجدت بعيادة كاليجاري، كما يصنفه النقاد بأنه واحد من بين الفيلمين اللذان كان لهما التأثير الأكبر في صناعة السينما حتى يومنا هذا ، (الثاني هو فيلم المدرعة بوتكيمون لآيزنشتاين).




وعند حلول عام 1920 وبعد فيلم صدور فيلم "عيادة الدكتور كاليجاري" ، وتأسيس المدرسة كحركة فنية سينمائية متفردة ، انضم إليها العديد من المخرجين مثل :


-F. W. Murnaw


-Paul Leni


-Fritz lang




عندها أُعلنت السينما التعبيريّة كحركة سينمائية ذات صيت وحضور بارز، وظهرت العديد من الأعمال التي تتبع نهج الحركة مثل:


 •(Faust,1926)


 • (Nosferatu,1922) 


 •(The last laugh,1924


 • (Raskolnikow 1923 )


 •(Golem,1920)


 •(Metropolis,1927)


 •(Faust,1926)




بكل هذه الأعمال كان الأبطال في حالة تيه، واغتراب، انفصام كامل، وذلك الاضطراب لا ينعكس على سلوكهم فحسب، بل يمتد ليشمل العالم من حولهم، ليبدو بكل ذلك التعقيد، بجانب أن ذلك العالم الضيق يعكس بدوره عالم منتهي بلا ماهية، محكوم من قبل سلطة غاشمة، ويرجع الفضل لذلك الشكل الاحترافي الطليعي بالنسبة للسينما لهؤلاء التشكيليين الذين عملوا كمصممي ديكور في المسرح قبل السينما وهم ( هانز بولزيج وهانز دراير، هرمان وارم، والتر روهرج وأوتو هنت...) من ذلك يتبين أن ديكورات التعبيرية الألمانية ظهرت في المسرح قبل السينما، بالإضافة لوجود كتاب سيناريو متميزين مثل "كارل ماير"  الذي كتب أفلاما عديدة لرواد التعبيرية . 


كما تبرز الألوان بدورها لتصف بتطرفها مدى بشاعة ذلك العالم وتيه أبطاله، فيبدو اللون دومًا غير مستقر، تعبر الظلال أيضًا عن مدي شعور هؤلاء الأبطال بالتمزق، بين رغباتهم المترسخة في اللاوعي والتي تنادي بالتحرر، وبين واقع مستمر في تكبيلهم وفرض قيوده عنوة، ويرجع ذلك لمدراء التصوير البارعين أمثال ويلي هاميستر :مصور كاليجاري

فريتز آرنو فاجنر: مصور Nosferatu،

 وفيلم (M) لفريتز لانج


اشترك الرواد أيضًا في رؤيتهم لإنسان تلك الحقبة مثل فناني الرسم مع لوحاتهم، على أنه مجرد إنسان مشوه، وهو نتاج للقمع، ولذلك فهو فاقد لآدميته ووعيه، يتحرك ببطئ، وكأنه منساق لمصير مجهول، يتجلى ذلك في أفلام مثل (Nosferatu) لموريناو، (Metropolis) لفريتز لانج و(Golem) لبول فيجنر، حيث نرى شخصيات ممسوخة، دمى وآلات، مصاصين دماء ومجانين، ولم يكن ذلك مجرد تأثر أدبي وتفضيل لقصص المسوخ، كفرانكشتاين، دراكولا وقصص الأميرة والوحش، فلم يجد الرواد انعكاسا لتلك الحالة المزرية التي يعيشونها سوى في ذلك النوع من الأدب، ولذلك فالانتهاء بتلك الحالة هو نتاج طبيعي لما عانى منه المجتمع الألماني حينها، ولذلك على سبيل المثال نرى حالة من البارانويا تتجلى في فيلم 


The last laugh 


لمورناو 


وفيلم  


(Nerves ,1919)

لروبرت رينارت


 الذي يسبق فيلم كاليجاري. 



إن تلك البارانويا لا تعبر إلا عن تخوف من مستقبل مظلم، وهوس مهيمن، أما بالنظر لطبيعة تلك الأفلام ربما نجد تنبؤًا لما سيصير الأمر عليه لاحقًا، ففي فيلم مثل الدكتور كاليجاري ربما نرى تصورًا دقيقًا لمستقبل النازية، فالطبيب في الفيلم لا يختلف أبدًا عن نموذج آدولف هتلر، فهو مولع بالتحكم والسيطرة، وهو في النهاية عبارة عن مخبول، منفصم، ولم يكن الانفصام مقتصرًا على عيادة  كاليجري فقط بل وجد في أفلام مثل (M) لفريتز لانج، وتسرب أثره لأفلام مثل  (Raskolnikow) لروبرت ڤين المأخوذ عن رواية دوستويفسكي الجريمة والعقاب


 و (Faust) لمورناو المأخوذ عن رواية فاوست لجوته ( و المثير للانتباه في أفلام تلك الحقبة أنها ربما صُنعت بطريقة ما لإلهاء العامة عن إحباطهم، ككيفية للهروب من تلك المآسي، ولكن في النهاية تصبح بطريقة ما مرآة لذلك الواقع المقيت، وتنبؤ دقيق بمستقبل مظلم - ويعد مورناو أبرز شخصية في السينما الألمانية بعد فريتز لانج، فلا تُنسى أيقونته، سمفونية الرعب "Nosferatu (1921) “، وهو فيلمه الأبرز والبداية لشهرته، ويعتبر البداية لتيمة الرعب في السينما، وهو أحد الأعمال الأولى المقتبسة ، بشكل غير صريح، من رواية دراكولا للكاتب برام ستوكر الصادرة سنة1987.


وفي عام 1924 ، أخرج مورناو سيناريو كارل ماير لفيلم "The Last Laugh” 

وأحدث فيلم "الضحكة الأخيرة " ثورة في السينما من حيث تصميم المسرح والإضاءة والكاميرا وبشكل عام بأسلوبه الجديد كليًا عن التعبيرية،  وكان من المفترض أن ينتهي الفيلم بنهاية مريرة، لكن شركة الإنتاج ضغطت على مورناو وأجبرته على عمل نهاية سعيدة للفيلم من أجل أن يكون أكثر نجاحًا وبيعًا.


بعد إنتاج هذا الفيلم ، صنع مورناو فيلم Faust (1926) استنادًا إلى الأسطورة الشهيرة ورواية فاوست للكاتب الألماني جوته، والذي يدور حول رجل يبيع روحه للشيطان. 


 ووصف النقاد الفيلم بأنه من أهم الأعمال في مناقشة فن الضلال والأرواح.


 بعد عام من إنتاج الفيلم، أخرج مورناو فيلم "sunrise" عام 1927 المبنى على رواية هيرمان سوديرمان (رحلة إلى تيلست) وحصل الفيلم على جائزة الأوسكار في أول عام للجائزة، وكان الفيلم إنتاج أمريكي.

 


مرورًا بتلك التجارب، ونتيجة تدرج طبيعي يبدو فيلم


"Metropolis"


لفريتز لانج وكأنه ينتمي لزمن آخر


وبالطبع فإن تلك الرغبة كانت في البدء نابعة من

" UFA"

الشركة المنتجة لأعمال التعبيرية الألمانية-رغبة في مجابهة سوق السينما في العالم، ولذلك يبدو فيلم متروبولس على عكس أفلام التعبيرية، فيلم مكلف، شديد التقنية وله تطلعات أكبر، أما  الرغبة الثانية فكانت رغبة قومية نابعة من صميم الشعب الألماني نفسه، فبالنظر إلى الولايات المتحدة لم تكن ألمانيًا تضاهيها من ناحية التكنولوجيا والاقتصاد، ولا حتى في مجال السينما؛ آلات التصوير والمعدات، لكل ذلك يشار لفيلم متروبولس بأنه فيلم ينتمي لنهاية حقبة ڤايمار، ليس سياسيًا فقط لأنه قبل ظهور النازية بسنين معدودة، ولكن لاختلافه شكلًا ومضمونًا عن الفيلم التعبيري في بداية حقبة ڤايمار...


متروبولس لا يختلف كثيرًا في تصوره المبدئي عن إنسان المستقبل الذي تحول بفعل السلطة أو المجتمع لمسخ، هنا فقط تحل الآلة محل ذلك المسخ، إحلال الآلة محل المسخ هو مفارقة توضح الفارق بين تصور لانج عن المستقبل وتصور رواد الفترة الأولى من حقبة ڤايمار ( مورناو ووين) فتصور هؤلاء الرواد مبني على أدب القرن التاسع عشر، قصص الرعب القوطية والأساطير؛ بمعنى أنها رؤية مبنية أكثر على رصد التاريخ والماضي، ولكن لانج  يرى ذلك المسخ بعين واعية جيدًا لواقعها المعاش و عصر التقدم، الاختراعات والتكنولوجيا، ولذلك كان من الطبيعي إحلال الآلة، الواعية تماما محل ذلك المسخ...






ومتروبولس هي رواية خيال علمي كتبت عام 1925 بواسطة  (Thea von Harbou) وهي التي شاركت فريتز لانج كل مشاريعه الناجحة، ولم تكن سينما الخيال العلمي شائعة في ذلك الوقت، بعض المحاولات هنا وهناك، ربما أشهرها هو فيلم جورج ميلييه (رحلة للقمر) عام 1902، ولذلك يعد فيلم متروبولس طفرة في تلك الحقبة، ذو أثر ممتد حتى الآن، بالغ التأثير على أفلام مثل أوديسا الفضاء لستانلي كيوبريك، وبليد رانر لريدلي سكوت، والكثير من أفلام الخيال العلمي، هو بمثابة أب لسينما الخيال العلمي، فيلم ثوري على المستوى البصري والموضوعي، وجدير بالذكر أن الفيلم حينما تم توزيعه في أميركا فضلّت شركة بارامونت تقطيع الفيلم لتصبح مدته لا تتجاوز الساعتان، بحجة أن فيلم زائد عن الساعتان لن يكون محل ترحيب من قبل الجمهور، وبجانب تفرد الفيلم بكونه فيلم رائد في سينما الخيال العلمي ، هو أيضًا في حبكته الداخلية يتناول قضية العمال المحكومين من قبل سلطة رأسمالية، تستعبدهم وتستنزف طاقاتهم، بذلك يدعم الرؤية الاشتراكية القومية التي شاعت في العشرينيات..



ينطبق المثل كذلك على فيلم فريتز لانج


 (M) 


الصادر عام 1931


فهو مختلف عن الأفلام التعبيرية الأولى من حقبة ڤايمر، إلا أنه يتلاقى معهم في موضوعه، هو فيلم عن الجنون أيضًا؛ الانفصام للدقة، ولكنه بعيد كل البعد أن يكون معبرًا عن حالة عامة، فهو يبتعد عن حالة الشارع والمجتمع، ويعبر عن مأساة فردية، يتناول موضوع الانفصام بشكل موضوعي- واقعي أكثر، حتى فكرته الرئيسية وهي عن قاتل متسلسل، ربما تبدو فكرة حداثية مقارنة بما سبق من أفلام، وبالطبع فإن كون الفيلم ناطقًا هو كفيل بجعله مختلفًا كل الاختلاف عن ما سبقه، ولكن في النهاية فالفيلم يعكس حرفية صانع عبقري مثل لانج .



رواد الحركة هم 


-F. W. Murnaw

-Robert Wiene

-Fritz lang

-Paul Leni

-Robert Reinert

-Paul wegener



أهم أفلام الموجة في رأيي 


- The Cabinet of Dr. Caligari (1920)

- Nosferatu ( 1922)

-Faust (1926)

-Metropolis (1927)

- M (1931)

- The last laugh (1924)




أرشح البدء ب 


The Cabinet of Dr. Caligari / Nosferatu






أفلام الموجة بمحصلة 12 فيلم ( بالطبع هم أكثر) 


- The Cabinet of Dr. Caligari (1920)

- Nosferatu ( 1922)

-Faust (1926)

-Metropolis (1927)

- M (1931)

- The last laugh (1924)

- Raskolnikow (1923)

- Nerves (1919)

- Genuine (1920)

- Shattered (1921)

- The golem (1920)

- Waxworks (1924)





تم النشر بتاريخ ١١ أغسطس عام 2019


author-img
كاتب سيناريو وناقد مصري

تعليقات