عن فيلم المدينة ليسري نصر الله

 المدينة هو فيلم عن الاغتراب؛ الاغتراب هو حالة وجودية غير

 متعلقة بمكان أو أشخاص، هو إحساس داخلي-وجداني بيعوق الشخص عن الانخراط في عالمه، بالتالي يستعين يسري نصر الله بأبيات كفافيس للتعبير عن حالة "علي" بطله :

"ما من سبيل، مادمت قد خربت حياتك هنا، في هذا الركن الصغير، فهي خراب أينما كنت"

 هنا المشكلة ذاتية، في الشخص نفسه، فهو إن كان غير شجاع كفاية، غير قادر على المواجهة أو اتخاذ قرار فهو لن يفلح في أي مكان، علي بيظن أنه بعد هروبه من روض الفرج، أصدقائه، والده اللي بيمثل السلطة الأبوية- أنه هيحقق حلمه في التمثيل، لكن بيخيب ظنه، بعد معرفته بأن السلطة الأبوية ممتدة حتى للمكان اللي سافر له وظن في البدء أنه بيمثل الحرية المطلقة، هنا الخلاص بيصبح عبء على عاتق البطل، وبيعلم تماما أنه المسؤول الأول، والوحيد عن خلاصه..

فقدان الذاكرة كحدث في ذاته فهو غير مستحب، ففقدان الشخص لذاكرته وماضيه معناها هو فقدانه لذاته اللي تكونت من خلال ماضيه المُعاش، لكن هنا طرح مغاير لحدث فقدان الذاكرة، ليصبح هو نفسه سبيل علي للخلاص، علي مبيفقدش ذاكرته بشكل كامل، الأمر أشبه بفقدان ذاكرة جزئي لكل شيء مزيف، بعيد عن ذاته الحقيقية، لذلك بيتناسى كل شيء بيشتته وبيبعده عن ذاته، كأبوه عيد صديقه، المحاسبة، بيثور على كل شيء بيسجنه، وبيظل محتفظ بالأشياء الحقيقية، المعبرة عن ذاته، وبيألفها، كشلبي الممثل القدير للمسرح، بيألف نادية وأمه، وحتى الشاب (صاحب اللمونة) لأنه بشكل ما بيتشاركه ألمه...

المدينة أشبه برحلة بحث عن الذات الضائعة، ودعوة للتمسك بكل ماهو أصيل وحقيقي في الإنسان؛ رغباته، وأحلامه ولو كانت بسيطة، تمرده وشغفه، هي محاولة أخيرة لإيجاد النفس. 

-المدينة ١٩٩٩ 

إخراج : يسري نصر الله