القائمة الرئيسية

الصفحات

ماهر عواد- سينما تنبذ اليأس وتمجد الحياة



ينتمي المؤلف ماهر عواد لنوعية نادرة جدا من كتاب السيناريو الذين يمتلكون ما يمكن تسميته ب "ستايل \ أسلوب".


أسلوب في الكتابة تعني عالم مميز - متصلة حلقاته - سمات وخصائص مشتركة في كل مرة, ومهما اختلفت الموضوعات. شخصية - موقف - وحتى حوار ما يصبح كفيلا بأن يجعل المشاهد يتعرف على صاحب الأسلوب.

ولماهر عواد سمات كثيرة مشتركة في كل أفلامه بدءا من فيلمه الأول "الأقزام قادمون" مع المخرج شريف عرفة – الذي سيصبح شريك لعواد في ثلاثة تجارب تالية وانتهاءا بفيلم "صاحب صاحبه " من إخراج سعيد حامد.


وكانت سمات عواد بداية من فيلمه الأول سمات واضحة- تبشر بأسلوب مميز أكثر منه جديد في الكتابة, ويعتبر تزامُن ظهوره - الذي تلى ظهور جيل الواقعية الجديدة – هو أمر زاد من صعوبة مهمته ; لأنه يضعه بالضرورة في مقارنة مع عوالم أولئك المخرجين – والتي كان بعضها مثيرا ومميزا جدا - كعوالم خيري بشارة وداود عبد السيد مثلا.

ولم يقتصر التشابه في سينما عواد على أمر أو اثنين, بل سمات كثيرة – مكررة تستطيع من خلالها تمييزه من اللحظة الأولى, كالاحتفاء بالمأساة في كل مرة;الرقص والغناء هربا – أو مواجهة. "الشرير الهزلي \ الكاريكاتوري" , "الرحلة المشتركة" , "رصد المهمشون" , " التمسك بالأرض" " الحرب ضد المجتمع وعاداته" , "السخرية من الشعارات " , "الحاجة إلى مخلًص وحل العقدة من الخارج" وأخيرا فضح الزيف ونبذ المتاجرة بالأحلام.


في فيلمه الأول : الأقزام قادمون عام 1987 بطولة يحيى الفخراني وليلى علوي وجميل راتب ومن إخراج شريف عرفة يختار عواد لموضوعه الأول أن يكون قضية التمسك بالأرض.

شهاب مخرج الإعلانات الشاب, بعد إصابته بالإحباط والخيبة يقرر الذهاب للأسكندرية ليسترخي, يقابل في فترة نقاهته القزم "شيكو", يعرف شهاب من شيكو قصة استيلاء رجل أعمال على أرض أهل شيكو وأصدقاءه الأقزام وعليه يقرر شهاب مساعدة شيكو.

وربما يحمل اسم الفيلم "الأقزام قادمون" أكثر من معنى, فالمعنى المباشر هو تفاؤلي, ينبئ بعودة الأقزام واستردادهم لحقهم, أما المعنى الآخر – الضمني – فهو الإشارة لطبيعة الاستبداديين الحقيقية, وبأن الزمن قد أصبح ملك أيديهم – وهو ما يحمل في جوهره تشاؤم ضمني تجاه المستقبل, لا يظهر في الفيلم بقدر ما يظهر لاحقا في تجارب تلت لعواد.

ويؤكد عواد في فيلمه على أهمية التمسك بالأرض والوقوف ضد المستبد, الذي له السلطة العليا بالطبع في مقابل مجموعة من الضعفاء المهمشين.


نرى أيضا فكرة التمسك بالأرض ممتدة لفيلم عواد الثاني "الدرجة التالتة" الصادر عام 1988 وهو بطولة جمعت سعاد حسني وأحمد زكي ومن إخراج شريف عرفة.

ويرصد الفيلم مجموعة من مشجعي نادي كرة قدم بينما يحاولون دعم ناديهم بكل الطرق الممكنة رغم معاناتهم.

يبدأ عواد فيلمه باستعراض غنائي – أبطاله هو الشاب الساذج "سرور" وأصدقائه من عاشقي النادي.

هنا يؤكد عواد على اهتمامه بطبقة ما تحديدا – وهي طبقة المهمشين – طبقة تحت خط الفقر, وإن كان ذلك يبدو مثاليا من اللحظة الأولى, وينتج عنه استنكار; كيف لطبقة معدمة أن تنسى شئؤنها الخاصة وينحسر كل همها في مباراة كرة قدم- أو الفوز ببطولة! 

يبدو الأمر خياليا, ولكن بفهم دقيق لطبيعة المجتمع – وسلوك تلك الطبقة ثم الالتفات لعالم ماهر عواد الذي تتجلى سماته فيما بعد أكثر, يتضح اهتمام عواد بمفهوم "التناسي" والتناسي هو فعل نكوص, أقرب للإنكار, فتلك طبقة لا تستطيع العيش, تحتاج لمتنفس ينسيها مآسيها, مخدر يشعرهم بالانتصار الوهمي على الواقع, ويجد عواد ذلك متمثلا بشكل كبير في مشجعي كرة القدم – الدرجة التالتة تحديدا - الشعبية.

إذن الأمر هنا لا يتعلق بفكرة الكرة أو الرياضة, بل بالمخدر أيا كانت تمثلاته, المخدر أو الوهم هو تيمة رئيسية عند عواد, لذا نلحظ فيما بعد في سينماه تكرار فكرة الهرب من الواقع إلى الوهم – كضرورة للتعايش مع واقع مستبد ومواصلة الحياة.

 كما يؤكد الفيلم على هم اجتماعي يحمله عواد في داخله.


يبدأ الصراع بين سرور وأصدقائه مع "جمعية أحباب النادي" والتي يمثلها عوف بيه "جميل راتب".

الصراع يبدأ بوعي مشجعي الدرجة التالتة باستغلال الإدارة لهم – أصحاب المقصورة الرئيسية – ليتحول الأمر إلى صراع حول البقاء, فبالقاء عند مشجعي الدرجة التالتة متمثل في وجودهم داخل المدرجات ورؤيتهم لانتصارات ناديهم- وهو يبدو كتأكيد من عواد على استمرارية رفض تلك الطبقة الانشغال بواقعهم – لأنه في النهاية واقع مهلك.

يبدأ عوف بيه وأصحاب المقصورة الأولى بالتلاعب, التلاعب هو فن يتقنه أشرار ماهر عواد ويعرفون تحديدا متى يلجأون إلى بيع الوهم, وهو ما يحدث من خلال مجموعة وعود وهمية تصدر عن جمعية أحباب النادي لتسكين الجماهير, وهو بالضبط ما يحدث في الأقزام قادمون; فرضوان النجمي هو أيضا " جميل راتب" حين شعوره بالخطر يبدأ في مساومة الأقزام وشهاب.

 والمساومة هو فن يتقنه الشرير في عالم عواد حين شعوره بالخطر.

ينتهي فيلم الدرجة التالتة كما انتهى بالمثل الأقزام قادمون, خلاص جمعي ناتج من اتحاد مجموعة من المهمشين وعليه يُهزم الشرير فتكون نهايات تفاؤلية – تفاؤلية ربما يتراجع عنها عواد فيما بعد.

الفيلم الثالث لعواد هو "يا مهلبية يا " الصادر عام 1991 ويعد الفيلم هو أفضل أفلام ماهر عواد بالتعاون مع شريف عرفة, أفضل من حيث الموضوع وطريقة السرد (ميتا سينما), كما يظهر ميل كبير للاستعراض الغنائي – ربما ظهرت ملامحه في الدرجة التالتة والأقزام قادمون ولكنه يطغى هنا أكثر بسبب طبيعة موضوع الفيلم, وهو بالمثل ما ينطبق على الفيلم التالي لعواد في نفس السنة مع شريف عرفة وآخر تعاون بينهما "سمع هس" و فيلم "رشة جريئة" مع سعيد حامد, والاستعراض دوما عند ماهر يقول شيئا ما ذا دلالة, مهما بدا تافها.


يعد فيلم "يا مهلبية يا " نقطة فاصلة في كتابات عواد, فما يؤسسه عواد هنا لا يتخلى عنه حتى آخر أعماله, كفكرة الرحلة التي يخوضها الرفيقان مثلا, كما يبدأ عواد بالتركيز على "أزمة" الفنان أكثر هنا, ويظهر ذلك في سمع هس ورشة جريئة أيضا.




في يا مهلبية يا يرصد عواد صراع الصديقين شكري ومرعي, وهما مخرج وكاتب سيناريو يواجهان مشاكل مستمرة في صناعة السينما, ويبدأ عواد بالواقع أولا, المنحاز بشكل أولي ضد الفنان.

 وهي مشكلة ينطلق منها عواد لمفهوم "الإبداع" ما هو؟ وإمكانية نشأته في ظل ظروف قمعية, وبالطبع فحكاية الصديقين تبدو انعكاسا لما يواجه عواد وصديقه شريف عرفة مع كل محاولة لصناعة فيلم جديد, ولذلك يعد الفيلم أكثر أفلام ماهر وشريف ذاتية.

كما يظهر في بداية الفيلم ملامح فكرة "الشرير التافه" متمثلة في "أحمد عقل" سيد بعكوك حينما يعلم بأن الصديقين يعملان بالسينما, ليتساءل : لماذا ينتصرون دائما للأخيار؟

 فيرد مرعي :

 " طب مادام الشر بيكسب في الواقع ما تسيبوا الخير يكسب في السيما ولا عايزين تكوشوا على كل حاجة "

الجملة التي عبر بها مرعي هي نفسها قناعة ماهر عواد, بأن الخير لابد وأن ينتصر بطريقة ما, وذلك ما يحدث في كل أفلامه تباعا, حتى أكثرهم تشاؤما مثل سمع هس والحب في التلاجة ورشة جريئة.


ويرجع عواد مرة أخرى لفكرة "بيع الوهم" من خلال الحكاية التي يختار الصديقان شكري ومرعي حكيها في فيلمهما, وهي حكاية عن فدائيين يحاولون اغتيال الملك أثناء الحكم البريطاني لمصر.


بيع الوهم هنا متمثل في الخدعة المدبرة من طرف "مليم" هشام سليم, وأصدقائه فهم يدعون حب الوطن والكفاح من أجله ولكن يتبين أنهم ليسوا إلا مجموعة من المرتزقة, الفكرة نفسها توجد أيضا في الفيلم التالي "سمع هس" في شخص "غندور" حسن كامي والذي يتغنى هو الآخر بشعارت رنانة عن حب الوطن بينما يستغل جهل العامة ويتسلق على أكتاف "حمص وحلاوة" هي نفسها الشعارات عند "جمعية أحباب النادي" في فيلم الدرجة التالتة عن حبهم وإخلاصهم لنادي كرة القدم, وهي الشعارات ذاتها في الأقزام قادمون, المتمثلة في وعود رضوان النجمي بجنة موعودة للأقزام ومنفعة لهم, وهو نفسه الوعد المشهور في فيلم "الحب في التلاجة" : بأن جميع المشاكل ستحل فور قدوم سنة 2000.


وهنا يظهر سخط عواد وسخريته من الشعارات الرنانة, ويشير إلى أن ذلك النوع من التغني المستمر بالشعارات لابد وأن ينطوي دوما على وهم كبير وكذب, والكذب هو ما يحب عواد فضحه دوما وتعريته.


ويدين فيلم سمع هس فترة الاحتلال البريطاني لمصر من خلال حكاية الراقصة "عناب" وتخطيطها لقتل الملك, كما يظهر إشارات ضمنية تدين فترة حكم عبد الناصر أيضا.


في الفيلم التالي لعواد "سمع هس" الصادر في نفس السنة من بطولة ممدوح عبد العليم وليلى علوي وإخراج شريف عرفة. 

يختار عواد أن يتحدث عن الزيف, وتحديدا عن زيف الفنان المتسلق والطفيلي.

الفنان الطفيلي هنا – أو الشرير التافه في الفيلم هو "غندور" حسن كامي, المطرب الأوبرالي الشهير, والذي يستولي على لحن ل حمص وحلاوة – الراقصة والطبال - المعدمان اللذان لا يعرفهما أحد, وحين محاولة حمص وحلاوة استرداد حقهما يتعرضان للنبذ.

كما يبدو عواد مغرما بفكرة الصعلكة- فحمص وحلاوة بلا مأوى ولا يمنعهما ذلك من اتباع شغفهما, وهو بالمثل ما وجد مسبقا عند سرور ومناعة في فيلم الدرجة التالتة.


هنا أطر عواد جيدا لرؤيته عن " الشرير التافه ", رغم أنه بدأها منذ أول تجاربه, ولكن لم يكتفي عواد هنا بإظهاره كشخص ذو سلطة في حيز محدود, الشرير التافه هنا مشهور ويعرفه الجميع حتى العامة ويغنون أغانيه "المسروقة" من حمص وحلاوة.

وهنا يشير عواد لفكرة "عصر التفاهة" وهو ما يسترسل عواد في نقده في فيلمه 

"الحب في التلاجة".

 ولأن عواد دوما يختار التخفيف من حدة المأساة، فذلك ما يفسر الصورة التي يظهر بها الأشرار في أفلامه؛ فيبدو الشرير كشخصية كاريكاتورية – هزلية - تافهة تماما، ولا يعد ذلك النوع من السخرية هو مجرد اتساق الجزء؛ وهو الشرير، مع الكل؛ وهو عالم ماهر عواد- المحكوم من قبل العبث، بل يتجاوز الأمر ذلك ليعكس وعيه - فكرته عن الشر، فالشر عنده لا يعكس إلا ضعف وخوف كبيرين، فيبدو دوما الشرير في سينماه هو أكثر شخصيات الحكاية صبيانية، كطفل أناني ممسك بقطعة من الحلوى- وذلك ما يمكنه أحيانا من السيطرة على من حوله، لنصل إلى مجموعة من المفاهيم والركائز الأساسية التي يفككها عوّاد في عالمه ؛ مثل "عاطفة الجماهير" بتعبير جوستاف لوبون، المتمثلة في حاجتهم الدائمة لقائد ومخلص، وهو نفسه ما يفضي إلى هلاكهم والانتهاء بالاستسلام للأشرار أصحاب الوعود المتستمرة بالخلاص.


والشرير التافه متواجد منذ اللحظة الأولى في سينما عواد; "رضوان النجمي" في الأقزام قادمون , "عوف" في الدرجة التالتة, "سيد بعكوك" في يا مهلبية يا, "غندور" في سمع هس, "دكتور شوشو" في الحب في التلاجة, حتى الوصول إلى الشرير الصعلوك "أنون" في فيلم صاحب صاحبه.


ويأتي حل أزمة حمص وحلاوة من خارج عالم الفيلم, كحل سحري, متمثل في شبيه شارلي شابلن الصامت, فهو يسرق الورقة التي تثبت براءة حمص وحلاوة من غندور ويعطيها لهما. 


تلك النهاية تشبه إلى حد كبير ما يحدث في نهاية فيلم عواد التالي "الحب في التلاجة" الصادر عام 1992 بطولة يحيى الفخرانة وعبلة كامل ومن إخراج سعيد حامد.

يناقش فيلم الحب في التلاجة فكرة بيع الوهم والوعود الكاذبة من قبل السلطة والمجتمع. فيتم خداع مهدي "يحيى الفخراني" من جانب أهل حبيبته "رزة" كما يتعرض للخداع من قبل رئيسه في العمل وحتى زملائه.

الجميع في فيلم الحب في التلاجة مخادعون, وهو ما يشير إليه اسم الفيلم, وكأن الحب متروك, مجمد, لم يعد هناك حاجة لاستخدامه في ذلك الزمن, ولأن مهدي لم يدجن كغيره فهو يرفض العيش أكثر, متخذا قرار العيش في تلاجة حتى قدوم سنة 2000 وهي السنة التي وعده الجميع بأنها ستكون سنة "الفرج والسعد". 

وبيع الوهم في الفيلم يتم من خلال التلفاز وهو الاختراع الذي يبدو مسيطرا, مسببا الهوس للناس ومساعدا في غسيل أدمغتهم, كما يحدث مع عائلة رزة المدمنة للأيس كريم بسبب فكرة ترويجية, مهدي هو أيضا – رغم وعيه البدائي بزيف عالمه – فهو ينساق أيضا لفكرة "التلاجة " التي يروج لها المخترع "شوشو" علي حسنين في الفيلم وهو امتداد للشاب الذي سرق مهدي في بداية الفيلم, بهلوان يركب عجلة بينما يرتدي علم أمريكا. "الثلاجة قادرة على تجميد أي شيء" وهنا شعار آخر, إشارة للوهم عن طريق الدعايا وهي فكرة سابقة عند عواد فلقد بدأها في فيلم "الأقزام قادمون" حين دعاية شركة ما يعمل معها شهاب وتعلن الشركة عن بداية سوق الهامبورجر في مصر, ويتضح خداع مالك شركة الهامبورجر حينما يقول رضوان النجمي أنه : مقابل كل كيلو من اللحم فدان من الفول الصويا", إذن فالوعد عند عواد هو دوما وعد لا يُحقق.


الحل السحري في الفيلم يأتي من الخارج ممثلا في الفضائيين, فبعد تمكُن "محاربو العفن" من مهدي الذي يقف في صف "الرعاع المعفنين" كما يتم وصفهم, يأتي الفضائيون لتخليص مهدي ورفاقه.

ويبدو الحل السحري هنا والمتمثل في فانتازيا خارجه عن الواقع – ومثيله في سمع هس - هو دلالة إحباط كبير وتشاؤم عند عواد تجاه الواقع, ففي سمع هس يكون مصير حمص وحلاوة السجن وفي الحب في التلاجة يتوقف الواقع عند موت مهدي ورفاقه الواعين.


 إن تشاؤم عواد – أو بشكل أدق واقعيته هما من يفضيان به إلى اللجوء للحل السحري – الخارج عن حيز ذلك الواقع.




 لكن تشاؤم عواد لا يثنيه في الأخير عن قاعدته التي رسخها : الانتصار للخير. حتى لو كان انتصارا مستعينا فيه بالخيال, المهم عند عواد هو ألا ينتصر الشر كما يحدث في الواقع. أيضا تؤكد النهاية على قناعة عواد; ضرورة وجود وهم ما للمهمشين, ولكن عواد لا يكتفي بالإشارة لضرورية الوهم فقط, بل يؤمن بالصراع, وذلك ما يتضح على لسان مهدي في المشهد الأخير.


"خلاص ماعدش فى وقت نضيعه، العفن فارش الطريق، عار علينا نموت على دكك مسوسة، قدام تليفيزيون مشطب . العفن طايلنا طايلنا لازم نتحرك على اخر نفس، يمكن منقدرش ننتصر عليهم لكن أكيد نقدر نمرمغهم معانا فى الوحل".


ويبدو فيلم الحب في التلاجة مباشرا كثيرا – بسبب خطابيته – ولكن بالرجوع إلى ما يجيده عواد وهو تقديم ما يحب وما يشعر به من هم حقيقي - في شكل وصورة تجارية في الأخير- يصبح الفيلم مقبولا إلى حد كبير. 


يعود ماهر عواد بعد غياب تسعة سنوات بفيلم "رشة جريئة" عام 2001 من بطولة أشرف عبد الباقي وياسمين عبد العزيز, ومن إخراج سعيد حامد ولا يتخلى عواد كعادته عن فكرة الحلم, سلماوي وميما هما امتداد حمص وحلاوة ومن قبلهم سرور ومناعة (رفاق الرحلة) ولكن تلك المرة فسلماوي وميما أجرأ, اثنان يحلمان بالتمثيل يقرران "اقتحام" مجال التمثيل, وبذلك يعد رشة جريئة هو التجربة الثالثة التي يعاود فيها عواد طرح "أزمة الفنان" 

بعد فيلمي يامهلبية يا, وسمع هس.


وسلماوي وميما يمكن اعتبارهما حمص وحلاوة جديدين, لكن لا أحد هنا يسرق شيئا ظاهريا منهما, ربما "الظروف" هي من تعيقهما عن تحقيق ما يحلمان به, والسرقة هنا معنوية أكثر, فسلب الحلم هنا يتم ببطء شديد بينما سلماوي وميما لا يحسان به, هي سرقة تتم بمباركة المجتمع, والفنانين أنفسهم, وحيث يتم ذلك يحتفي سلماوي وميما بالحياة, بالرقص والغناء واستراق لحظات ممتعة من الحياة عنوه, وذلك ما يجعل من الفيلم ربما أكثر أفلام ماهر عواد بهجة, كما ينتصر في الأخير لإرادة سلماوي وميما أيضا.


يعقب فيلم رشة جريئة التجربة الأخيرة لماهر عواد عام 2002 وهو فيلم "صاحب صاحبه " بطولة أشرف عبد الباقي ومحمد هنيدي وإخراج سعيد حامد, ورغم أن الفيلم هو أقل أفلام عواد في المستوى, ولكنه لا يخلو من سمات عالمه, فقد اتبع عواد نفس نهجه في ما سبق فحافظ على فكرة "الصديقان" ورحلتهما. كما كان الفيلم أقل جدية فيما يخص صراع الرفيقان مع العالم الخارجي, الخطر هنا تحديدا يأتي من جهة الصديق نفسه والعائلة, وبالطبع لا ينفك عواد أن يشير لمشكلة جيل بأكمله لا يقدر على مسايرة زمنه وذلك ما يسبب إحباطه في الأخير, ولكن ينتهي الفيلم باحتفاء بالصداقة, مباركة أخيرة من ماهر عواد لقيم يؤمن بها. 

دعوة للاحتفاء بالحياة, بهجة وفرح - رغم كل مافيها من مآسي.

أنت الان في اول موضوع
author-img
كاتب سيناريو وناقد مصري

تعليقات